في ظل السعي نحو تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الأمن الطاقي، تبنت موريتانيا رؤية طموحة تقوم على استغلال مواردها الغازية الوفيرة لإنتاج الكهرباء، ضمن ما يعرف بمقاربة "الغاز من أجل الطاقة" (Gas to Power). وتندرج هذه الرؤية ضمن خطة وطنية شاملة تهدف إلى الاستفادة من الاكتشافات الغازية الكبرى في الحوض الساحلي، وعلى رأسها حقول "GTA" و"بير الله" و"باندا"، لتأمين احتياجات البلاد من الطاقة بشكل مستدام وبتكلفة منخفضة.
تعتمد هذه الاستراتيجية على إنشاء بنية تحتية متكاملة لنقل الغاز من البحر إلى محطات الإنتاج، حيث تم الإعلان عن مشاريع رئيسية تشمل مد أنبوب بحري بطول 75 كلم لربط حقل باندا بمدينة نواكشوط، وزيادة القدرة الإنتاجية للمحطة الكهربائية الحالية (180 ميغاوات)، بـ 60 ميغاوات جديدة لتصل القدرة الإجمالية للمحطة بعد التوسعة إلى 240 ميغاوات. كما يتم تحضير إطلاق بناء محطة كهربائية تعمل بالغاز بمنطقة اندياغو بقدرة 230 ميغاوات اعتمادا على حصة موريتانيا من غاز السلحفاة أحميم الكبير.
وتهدف موريتانيا من خلال هذه الخطة إلى توجيه الكهرباء المنتَجة من الغاز نحو تحفيز الصناعات التحويلية المعدنية وتغذية الأقطاب المعدنية في شمال البلاد، خاصة المرتبطة بتعدين الحديد والنحاس والذهب، إضافة إلى تزويد باقي القطاعات الصناعية بطاقة كهربائية مستقرة ونظيفة. ويُتوقع أن يُسهم هذا التحول في تعزيز تنافسية الصناعات الوطنية، وتقليص كلفة الإنتاج، وخلق بيئة مشجعة للاستثمار، إلى جانب خفض الاعتماد على الوقود المستورد وتقليل الانبعاثات الكربونية، بما ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة والتحول الطاقي في البلاد.